قراءة سريعة في الموسم الدراسي الحالي في ظل جائحة كورونا

عرف الموسم الدراسي الحالي 2020 /2021 ظروفا استثنائية تميزت بانتشار كبير لفيروس كورونا كوفيد 19 و ما تخلله من حجر صحي و إعلان حالة الطوارئ الصحية بجميع تراب المملكة . هذه الظروف الوبائية جعلت وزير الأوقاف يعلن منذ البداية أن نظام التدريس المعتمد بقطاع التعليم العتيق هو التعليم عن بعد، رغم أن الوزارة في بداية الموسم الدراسي قامت بإرسال بعض المطابيع إلى السادة المشرفين على المدارس لتعبئتها و تحديد نمط التعليم المراد اتباعه برسم السنة الدراسية الحالية و الخاص بكل مدرسة على حدى ، حسب إمكانياتها فيما يتعلق بالبنية المادية و البشرية . لكن ذلك نسخ بشكل سريع بقرار السيد الوزير المؤرخ في 14 شتنبر 2020 رقم 2020/16 الذي يؤكد بشكل نهائي أن التعليم عن بعد هو المعتمد خلال الموسم الدراسي الحالي إلى نهاية شهر دجنبر 2020 ، خلافا لوزارة التربية الوطنية التي كانت متفائلة أكثر حيث أعطت حرية اختيار نمط التعليم في ظل الجائحة للمؤسسات التعليمية بعد استشارة آباء و أولياء التلاميذ ، الشيء الذي أدى إلى اختيار التعليم الحضوري من طرف أغلبية المؤسسات التعليمية مع التقيد الصارم بتطبيق البروتوكول الصحي.
إن اختيار وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية للتعليم عن بعد، رغم معقولية المبررات التي استند عليها القرار و المتمثلة في تجنب المخاطر التي يمكن السقوط فيها بسبب الجائحة، إلا أنه خلف ردود أفعال ساخطة في صفوف الطلبة الذين استنكروه و اعتبروه تهديدا لأمنهم الدراسي .
لكن رغم ذلك، حاول المشرفون تهدئة الوضع و إقناع الطلبة بضرورة الانقياد لتوجيهات الوزارة الوصية و مراعاة المصلحة الفضلى للوطن ؛ آملين أن تتحسن الحالة الوبائية في متم شهر دجنبر لتعود الدراسة بشكلها المعهود حضوريا في بداية شهر يناير 2021 .
كما أن البعض منهم قام بوضع طلبات اعتماد التعليم الحضوري مع الالتزام بتطبيق البروتوكول الصحي لدى الوزارة ، الشيء الذي جعل وزارة الأوقاف تتفاعل معهم بشكل إيجابي، فبعثت إليهم بلجان مختلطة لمعاينة مدى استعداد المؤسسة لاعتماد التعليم الحضوري، و بدأت في إعطاء الترخيصات بفتح المدارس حسب إمكانيات كل منها . فلاحظنا اعلانات متتالية خاصة باعتماد التعليم الحضوري للمدارس المرخص لها حيث وصل عددها تقريبا ثلاثين مدرسة على المستوى الوطني .
كل أقاليم المملكة نالت حظها من فتح بعض المدارس بها ما عدا مدارس التعليم العتيق بإقليم الحسيمة، بسبب القرار العاملي الذي يمنع فتح الداخليات ،و الذي كان سببا في ارتفاع الهدر المدرسي بالوسطين الحضري و القروي داخل الفئات الهشة و الفقيرة التي تحتاج إلى إيواء كشرط لمتابعة الدراسة.
و في خضم التدافع المتواصل بين الإدارة و التلاميذ و أوليائهم، جاء بلاغ الوزير الأخير المؤرخ بتاريخ 24 دجنبر 2020 ليؤكد على استمرار التعليم عن بعد مع إعطاء إمكانية للمدارس الراغبة في التعليم الحضوري تقديم الطلب للوزارة و الرد عليه بعد معاينة اللجنة المختلطة .لكن البلاغ مع الأسف الشديد ، لم يعط أجوبة حول المدارس التي توجد بالإقاليم التي تمنع فتح الداخليات بقرار عاملي كإقليم الحسيمة مثلا، ليظل الطلبة في تذمر و تسعر و فقدان للبوصلة ، كرد فعل غير واع إزاء عدم اعتماد التعليم الحضوري. لذا وجب إعادة النظر من الجهات المعنية فيما يخص قرار منع الداخليات بإقليم الحسيمة بما لا يتعارض مع مبدأ الاحتياط الواجب من الجائحة لإنقاذ الموسم الدراسي و الحفاظ على الأمن التربوي و القضاء على الهدر المدرسي و بعث روح التفاؤل في صفوف طلبة القرآن الكريم و بث الحياة مرة أخرى في الكتاتيب القرآنية.
و في ختام هذا الموضوع، يجب التنبيه على القراءة الخاطئة لبعض الأوساط المهتمة و بعض المنابر الإعلامية لبلاغ الوزارة الأخير ، حيث اعتبرت أن الأمر يتعلق بفتح جميع مدارس التعليم العتيق و اعتماد التعليم الحضوري بدون شروط، مما تسبب في غليان فئة عريضة من الطلبة ، و انفجارهم ضد أساتذتهم و إدارتهم ، معتقدين أنهم يرفضون فتح المدارس لتهربهم من العمل الحضوري ، و هم يجهلون أن المجهود الذي يقوم به السادة الأساتذة في التعليم عن بعد أشق من غيره و أنهم في شوق لعودة التعليم الحضوري . و حتى لا يتكرر هذا الخطأ وجب تحليل الأحداث و الوثائق الخاصة بالتعليم العتيق من طرف الممارسين و أهل الميدان العارفين بخباياه و خصوصياته . و الله المستعان.

بقلم ذ.رشيد العبداللاوي

  • تم نسخ الرابط

مقالات ذات صلة

تعليقات ( 0 )

اكتب تعليق او تعقيب

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *